القائمة الرئيسية

الصفحات

 مبادئ ومفهومات مهمة

إن من خصوصيات ميدان التربية أنه يعتمد في حركته وتطوره على حقائق ومفهومات مأخوذة من ميادين معرفة متعددة، قريبة من التربية أحياناً وبعيدة عنها أحياناً أخرى، فالتربية أداة تنفيذية، تعكس في أحسن أحوالها ما تتطلع الأمم إلى تحقيقه في أبنائها بناءً على ما جد لديها من معارف وخبرات وظروف. 

عصر جديد:

إن للأمة الإسلامية طريقها الخاص في الحياة، ونظرها للفرص والخاطر نظرة منفردة، تنبع من خصوصية عقيدتها ومنهجها، وهويتها. ولكن هذه الهوية تتعرض للمخاطر أكثر فأكثر كلما زادت الحياة تعقيداً. إن من طبيعة الهوية إنها تحتاج إلى اكتشاف مستمر وبلورة دائمة، وذلك من خلال الطرح النظري والموقف العملي. وحتى تحافظ الأمة على أبنائها عليها تحسين أدائها الإعلامي والتربوي ليكون أصلاً ومعاصراً في آن واحد والعمل على عدد من الخطوط الثقافية، منها:
١. الاهتمام بتوعية الجيل بأهداف الأمة في هذه الحياة، وهي الفوز برضوانه الله- تعالى، ونشر الإسلام وتبليغ الدعوة إلى جانب توفير الحياة الكريمة والآمنة لكل مسلم، وعلى جميع الجهات بلورة هذه الأهداف وعرضها إعلامياً في البيوت والمدارس، وتوضيح متطلبات تحقيقها، وتبين آثار عدم الاكتراث بها. 
٢. إدارة الإمكانيات المتاحة على نحو جيد. وقد ثبت أن الإدارة الجيدة للإمكانات البشرية والمادة المتوفرة، لا تقل أهمية عن حجم الإمكانات نفسها بل تزيد. وتعتمد جودة الإدارة على ارتقاء العنصر البشري المدرب الواعي بعصره، المثابر والتفاعل الجيد الذي يحترم النظم ويحسن تدبير الاقتصاد والنفقة. 
٣. الانفتاح ومحاولة فهم المتغيرات الحاصلة. وهذا لا يعني الترهل الأخلاقي وتلقف كل جديد مهما كان، ولكن هذا الاستعداد والرغبة في الاطلاع على الجديد محاولة الاستفادة منه في تحقيق أهدافنا. 
٤. الاستعداد للارتجال والانتقال من بلد إلى بلدومن وظيفة إلى أخرى، ليتعايش مع طبيعة التعقيد الشديد لحياتنا المعاصرة، التي توفر الفرص والبدائل المختلفة، ولاكتساب المهارات ومعرفة الوضعيات الجديدة. 

تشجيع المبادرة الحرة:

إن الأعمال الحضارة الكبرى لا تقوم إلا عن طريق الحماس والرغبة والمبادرة الحرة، وإن الأمم العظيمة تشيد صروحها الحضارة عن طريق التحفيز والتشجيع والمكافأة والمشاركة الواسعة، وليس عن طريق الزجر والمنع. 
إن تنمية روح المسؤولية لدى الطلاب وتنمو وتترسخ في وجود قسط من الحرية، فإن الحاسة الأخلاقية والوازع الداخلي تنمو عند ترك فرصة للاختيار. 

مباهج الروح:

من أهم أسس نجاح العالم التجاري ونموه: جذب الناس إلى المزيد من الاستهلاك والانفاق، وتقوم الإعلانات التجارية في وسائل الأعلام بقيادة المهمة وفي ظل الفراغ الفكري والروحي الذي تعاني منه البشرية انساق الناس نحو المطلوب منهم، فأصبح المال أكثر ما يشغل بالهم، مما يولد الشعور بعدم الكفاية، وتسبب في إشاعة السرقة والغش......، والأعراض عن المتع الروحية والأخلاقية مع إنها أطول زمناً من متع الجسد وأقل كلفة، وصاحبها أبعد عن المشاة والمزاحمة. 
ومن المتع الروحية متعة القراءة والتزود من المعرفة واكتشاف المجهول- ومناصرة الحق، ومساعدة الآخرين، والتغلب على الشهوات، وفوق كل هذا المشاعر والأحاسيس التي تغمر كيان المسلم حين يناجي الله ويتذلل بين يديه. ولوقف تدهور الأجيال علينا توجيههم نحو الإقبال على تحقيق السعادة دون الحاجة إلى المال أو الصراع مع الاخرين، وأن نمثل لهم القدوة في ذلك. 

مجتمع مستنير:

من العسير ان تتقدم التربية في المدارس على النحو الذي نريد إذا لم يحدث تقدم إجتماعي عام، لأن كل من المجتمع والأعلام يترك بصمات قوية في شخصيات أبنائنا. وحتى يستقيم التعليم لابد من ترتيب أوضاعنا الإجتماعية على هدي العلم والمعرفة، ليصبغ المجتمع بالصبغة العلمية، لتجعل البحث عن الجديد حركة أمة لا حركة صفوة. 

 لا بديل عن السعي إلى التمدن:

ظل معظم الناس في كل زمان ومكان مهزومين أمام أنفسهم وشهواتهم فكانوا يجدون إن ( التحضر) وامتلاك أدوات ومعدات أسهل عليهم من ( التمدن) الذي يعني الارتقاء بأهداف الإنسان وثقافته وفكره وتعامله وتحقيقه لذاته وطريقة حله لمشكلاته، لهذا فإن المتمدنون قليلون في حين أن المتحضرينزكثيرون. وهو السبب الرئيسي في فقد الحياة لطعمها الأصلي لانتشار الظلم والعنف والفساد. 
ونحن نسعى إلى بناء جيل متمدن لابد أن نؤكد على بعض المعاني المهمة منها:
١. يعد الإسلام الإنساني مركز الكون، ويعد الارتقاء به مقدماً على الارتقاء في العمران، لذا فإن معظم نصوص القرآن والسنة تركز على تهذيب الإنسان. 
٢. لا يقاس تقدم الإنسان بكثرة اختراعاته، واكتشافاته، وتجاربه، ولكن بتحقيق إنسانيته وتفوقه على ذاته. كما أن المدنية الحقة هي التي توفر للناس السعادة والاستقرار والأمان. 
٣. في حياتنا أمور لا يمكن ضبطها بالقانون مثل العلاقات الأسرية والمعلمين والطلاب ولكن الإنسان التمدن يدير تلك الأمور والعلاقات بالرحمة واللطف والتسامح، أما المحضر يديرها بالظلم والعنف والأنانية. 
٤. الإنسان المحروم من التمدن تظهر غرائزه بشكل لافت في سلوكه، لأنه قريب من وضعية الحيوان، أما التمدن فإنه ينظم غرائزه ويبرع في السيطرة عليها فيتحرر من سلطانها، فيكون  اهتمامه بالآجل والتضحية بالآجل للفوز به، وبهذا فإن المسلم الذي يسيطر على رغباته رجاء ما عند الله تعالى - متمدن حقيقي. 
٥. يسعى الإنسان التمدن إلى أن يكون هناك نوع من التطابق والانسجام بين متطلبات هويته وعقيدته ومتطلبات عيشه، فيجاهد في كل إتجاه من أجل أن يستمر في ترتيب شؤونه في إطار عقيدته،فينجو من الهمجي والتخلف. 
إن استحضار هذه المعاني في تربية الجيل الجديد في غاية الأهمية لذا يجب أن يلمس أبنائنا من خلال علاقتنا بهم إننا نعطيها أهمية خاصة من خلال تجسيدها. 

الحوار لا المناظرة :

إن تاريخنا الثقافي والاجتماعي ينضح بالمناظرة. وهي أن يمارس كل واحد نوع من إلغاء الآخر، فيبذل كل جهده لإظهار أن مناظره على خطأ،وإنه على الحق القاطع. ولكننا  لسنا بحاجة إلى مناظرة، ولكننا بحاجة ماسة للحوار حيث إن كل واحد منهما بإضاءة نقطة مظلمة، وتوضيح قضية غامضة لا يراها الطرف الآخر فيكون الحوار هادئ وبناء. فمن المهم أن يجعل الحوار أساساً في حياتنا وأن يوصلنا إلى الاتفاق، كما يوفر لنا أساساً مقنعاً لاختلاف وتعدد وجهات النظر. 
إن طلابنا يمتلكون أفكار ورؤى جميلة، ولكننا منشغلون بشرح المناهج فلا نتيح لهم فرصة إظهارها فيكون مصيرها الذبول أو الانحراف. في حين لو مارس الحوار بشكل صحيح، فننفع طلابنا وأنفسنا لأننا ننضج أفكارنا ونهذبها بالإضافة والنقد. 

الحذر في إدارة معطيات العلم:

مع أن المسافة التي تفصل المسلمين عن الدول الصناعية على الصعيد البحثي والتقني مازالت شاسعة، إلا أنه لابد من التحذير من أضرار الثقة المفرطة بالعلم، وهذا لا يعني التهوين من شأنه إنما يعني أن العلم لا يملك أخلاقية خاصة تجعل معطيات غير قابلة للتوظيف فيما يضر بالبشرة وخاصة عندما يسيطر نظام التجارة والاعلان سهلت التزوير والغش على صعيد كل الصناعات. لذا يجب أن ننبه الأجيال الجديدة إلى أن المستقبل سوف يشهد المزيد من الاستخدام السيء للمعطيات العلمية والقيام بعمليات خطرة جداً مثل الاستنساخ- والحرب الجرثومة. 

تربيتنا مرآة لنا:

حين يولد الطفل لا يملك إلا استعداده للنمو والاكتمال من خلال الصور  اليومية التي يشاهده تتشكل شخصيته وتراكم خبراته، لذلك فإن الاستقامة الشخصية لأفراد الأسرة هي وحدها التي تجعل تكون شخصية الطفل  تتم على النحو الصحيح وبطريقة آمنة. 

تأسيس حب النظام:

إن أفضل وسيلة لكي نؤسس لدى أبنائنا نظاماً للمفومات  الصحيحة والقيم الإيجابية هو ترسيخ حب النظام في نفوسهم والتأكيد على احترامه والالتزام به في سلوكه وعلاقاتهم. إن الهدى النبوي يؤكد على ضرورة الامتناع عن ارتكاب المنهيات والوقوع في المحظورات فإنه يهدف أن يكون الخطأ واضح في أذهان الأطفال لا لبس فيه، ويصبح الوقوع في الخطأ سبباً لتأنيب الضمير. 
قال عليه الصلاة والسلام : "ما نهايتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم". 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات