المقدمة:
لكل إنسان على عقله إطار أو منظار ينظر إلى الكون من خلاله يجعله ينظر إلى الحقيقة من زاوية محدودة وفي الغالب لا تتطابق الزوايا مع الآخرين فينشأ الخلاف.
فمن البلاهة ان نحاول إقناع غيرنا على رأي من الاراء بنفس البراهين التي نقنع بها أنفسنا.
إن كثير من أسباب النجاح آتية من استلهام اللاشعور والاصغاء إلى وحيه الآتي، فإذا تعجل المرء او تقصد وتكلف في أمراً ما واجهد نفسه في سبيله قمع وحي اللاشعور وسار نحو الفشل.
كما أن تطور المجتمع يعتمد على المنافسة الحادة التي تدفع الفرد على أن يبرع ويتفوق على غيره، وذلك بالاستفادة من الإلهام المنبثق من أعماق اللاشعور.
الفصل الاول الاطار الفكري
لكل إنسان إطار فكري سواء كان متعلم أو غير متعلم و يكون الاختلاف في الدرجة لا بالنوع
الفرق بين المتعلم والمثقف
المتعلم هو من تعلم أموراً لم تخرج من نطاق الاطار الفكري الذي اعتاد عليه منذ الصغر، وهو لم يزداد من العلم الا ما زاد في تعصبه وضيق مجال نظره انه يسعى وراء المعلومات التي تؤيده في رأيه وتحرضه على الكفاح في سبيله
أما المثقف فهو يمتاز بمرونه رايهم واستعداده لتلقي كل فكرة جديدة وللتأمل فيها ولتملي الصواب منها قليلون
إن الاطار الفكري الذي ينظر الإنسان من خلاله الى الكون مؤلف الجزء الاكبر من المصطلحات والمألوفات والمفترضات التي يوحي بها المجتمع اليه ويفرزها في أعماق عقله الباطن فيتأثر بها الإنسان من حيث لا يشعر وكل يقينه انه حر في تفكيره وهنا يكمن الخطر لانه يصبح ينكر ويرفض الآخر ولهذا يرجع سبب الحروب والاضطهاد بين البشر بعضهم البعض.
لا يستطيع الانسان التخلص من إطاره الفكري الا نادرا لانه كامن في اللاشعور والإنسان لا يستطيع التخلص من شيء لا يشعر به
ولكن الأفذاذ من الناس يستطيعون أن يدركوا ما ركب على عقولهم وقد يتحيزون قليلاً أو كثيراً ولكنهم يدركون أنهم متحيزون، وهولاء حين تخلو نفوسهم من الغرض يصبحوا مخترعين ومبدعين.
يعتقد الفيلسوف الأمريكي ( وليم جيمس) "إن العقل البشري جزئي ومتحيز بطبيعته" ، أي أن العقل لا يكون ذا مقدرة وكفاية إلا بتخيره ما ينتبه اليه، وتركيز وجهة نظره.
ليس من العجب ان يختلف الناس في أذواقهم وميولهم، لكن العجيب أن يتخاصموا من أجل الإختلاف.
اختلف المفكرين منذ الأغريق حول الفكر البشري هل هو الذي يخلق الحقيقة أم الحقيقة هي التي تخلقه؟ وقد انقسمو إلى فريقين:
١. الافلاطونيين وهم الذين يقولون أن العقل مرآة الحقيقة، حيث هو يعكس صورتها من غير تغيير أو تشويه.
٢. السوفسطائين وهم من يرى ان الحقيقة بنت العقل وأن ليس هناك حقيقة خارجة عنه، أي أن الإنسان هو مقياس الحقيقة وأنه هو الذي خلقها برغبته ومصلحه، لذا فهي تتغير من شخص لآخر ومن حضارة إلى أخرى.
أما في العصر الحديث يرى العلماء أن الحقيقة تخلق الفكر ويخلقها الفكر في نفس الوقت فكل منهما سبب للآخر ونتيجة له أيضاً.
ويرى ( مانهايم) إن الحقيقة موجودة خارج العقل البشري لكنها مع ذلك ذات أوجه متعددة. فالعقل حين ينظر إليها لا يستطيع في الغالب أن يطلع إلا على وجه واحد منها، لذا فهو يضيف إليها من عنده جزء آخر ليكمل بذلك صورة الحقيقة كما بتخيلها. وهذا هو سبب الاختلاف فلكل منا حقيقته الخاصة.
أما ( ديوي) فيرى العقل عضو قد تطور في الإنسان لكي يساعده في كفاح الحياة وتنازع البقاء لذا لا يفهم من الحقيقة إلا ما ينفعه. أي ( أن العقل أداة الحياة). ويريد من الآخر أن يؤمن بهذه الحقيقة التي يراها، ولكن الآخر لديه حقيقته التي يؤمن بها ويريد منه الإيمان بها، ومن هنا نشأ الإختلاف والخلاف.
ولقد دل التاريخ إن الدين مهما كان نوعه لا يكاد ينتشر حتى ينشق على نفسه إلى فرق متطاحنة.
أن النجاح يحمل بذرة الفشل في أساس طبيعته. سواء كان في الجماعات أو حتى في الأفراد. فالفرد حين ينجح يتغير بنجاحه إطاره الفكري وبالتالي نظرته تتغير لتلائم وضعه الجديد.
عناصر الاطار الفكري: هي عبارة عن ثلاث أنواع من القيود هي:
١. القيود النفسية. فالانسان يملك نفساً معقدة فيها كثير من الرغبات المكبوتة والعواطف المبوبة والاتجاهات الدفينة. ففكره مقيد بهذه القيود التي لا يجد عنها محيصاً إلا نادراً.
٢. القيود الاجتماعية. فكر الإنسان مقيد بالانتماء إلى جماعة أو طبقة أو بلد او طائفة او غير ذلك. ولذا فهو يتعصب لجماعته في الحق والباطل.
٣. القيود الحضارة. وكذلك فإن فكر الإنسان مقيد بقيود تشترك بها كل الجماعات في داخل حضارة معينة.
إن مشكلة النزاع البشري هي مشكلة المعايير والمناظر قبل أن تكون مشكلة حق وباطل. وما كان الناس يعتقدون انه نزاع بين حق وباطل هو في الواقع نزاع بين حق وحق آخر. ( لو عرفت كل شيء لعرفت كل أحد).
العبقرية فيها شيء من الخروج عن الذات والدخول في عالم آخر لا نعرفه، فهي تعتبر نوعاً من الجنون أحياناً، لإنها تخرج بصاحبه عن حالته الاعتيادية او تجعله ينظر إلى الحياة بمنظار ثاقب لم يعهده الناس من قبل.
تعليقات
إرسال تعليق