الفصل الرابع: دافع عن ذاتك
عندما تسمح للآخرين بأن يسلبوا منك الوقت والطاقة أو راحة البال فإنك تسلم لهم قوتك. عندما تسمح للآخرين بأن يصدروا لك الأوامر تبعث برسالة إلى نفسك وللآخرين بأنك لا تستحق أن تلبي مطالبك - لقد مررت بتجارب اشعرتك بالغضب من نفسك. لأنك لم تنافح عنها وتؤازرها أو وقفت على فعل شيء وندمت عليه بعد ذلك. معظمنا يضع احتياجات الآخرين قبل احتياجاتنا بمثابة عادة نشأت معنا منذ الطفولة. والتوق إلى الحب والاتفاق جعل بعض الأشخاص يعربون عن موافقتهم بطريقة تلقائية دون تفكير في العواقب.
مرض الخوف من النزاع
إن خوفنا من النزاع يبدأ من البيت، فإذا رأيت والديك يتعاملان مع المشاكل اليومية بالصياح والعنف البدني أو السلوك المخجل، فسيكون طبعاً أن تجد صعوبة في التغلب على النزاع فيما بعد في الحياة. ولأن تاريخنا الشخصي ذو تأثير بالغ على قدرتنا في الدفاع عن أنفسنا كشباب فسيكون ضرورياً معالجة المشاكل العاطفية قبل المبادرة بأي عمل. فإذا كانت الشحنة الانفعالية تجاه موقف ما ليست متناسبة فلن يجدي أي تخطيط تقوم به لمواجهة النزاع. أولاً من الضروري ملاحظة أنك ما لم تكن قادراً على التفوه بالحقيقة والتعبير عن نفسك مع شخص ما. فهذا لا يمثل علاقة ولكن ترضية وعندما تجد صعوبة في وضع حدود مع الشخص المؤذي في حياتك فهذا يعني إنك تحتاج إلى مساعدة طبيب معالج ماهر وليس انتهاج طريقة جديدة في العلاقة. فأحد أهم الأسباب التي تجعلنا نتلافى إجراء حوارات صعبة هو إننا نفتقر إلى الكلمات التي تنم عن العزم والتصميم، إن الخسائر التي تحدث لك من جراء عدم الدفاع عن ذاتك واضحة تماماً ففي كل مرة تقوض ثقتك بنفسك واحترامك لذاتك ونجد أن عناء ذلك يقع على استقرارك العاطفي لإنك تكبح مشاعرك بداخلك وتؤنب نفسك وقد يتدخل الجسد لينبئنا على شكل عوارض مرضية يشتكي منها فإن الجسد لا يكذب مطلقاً.
ما هي الحدود؟
وضع حدود فاصلة هي الخطوة التي تنمي المشاعر وتحسين الحياة. أما الحدود الواقعية تسبب ٨٠٪ من المشاكل التي لاحظت وجودها لدى من يكافح من أجل الحياة بصدق، إن الحد الفاصل مثل مجال الطاقة أو الحاجز النفسي الذي يمثل درعاً واقياً يحمي جسدك وعقلك وروحك من الإيذاء، فإذا كنت تمتلك حدود فاصلة ثابتة فستمكنك من أن تكون شخصاً مفيداً للأخرين بطريقة ودية وستعمل إيضاً على منع النزاع. يجب أن تستخدم رد فعلك الانفعالي كأمارة على إنك تحتاج إلى وضع حد وبمجرد أن تعلم هذا الفرد بتأذيك من معاملته السيئة لك وتعمل على تنفيذ هذا الحد فأنك قادر على أن تظهر في المواقف العائلية شاعراً بالراحة وسعة الصدر.
اتخذ إجراء! متى تحتاج إلى الزود عن نفسك
إن أول خطوة في تعلم كيفية الدفاع عن ذاتك هو أن تعي تماماً متى وأين ومتى تحتاج إلى وضع الحدود. ومن الحدود التي نحتاج إلى رعايتها
١. لا يجوز للناس....... ٢. لدي الحق في أن أطالب.....
٣. كي أحافظ على وقتي وطاقتي أوافق على..... فإذا اكملت هذه الثلاث جمل ستكون لديك فكرة عن سبب احتياجك لوضع حدود قوية.
عليك أن تكمل كل جملة بعشرة أمثلة أو أكثر أطلق العناية لأفكارك دون قيد.
إن الدافع الذاتي لا يتعلق بموقف محدد تواجهه ولكنه يتعلق بصفة كبيرة، بإرتفاع مستوى إحساسك بقيمة الذات، وبالرغم أن وضع حد أمر صعب إلا أنه سيزيد من ثقتك وأحترامك لذاتك ويسهل عليك الأمر في المواقف الأخرى مستقبلاً، وعلى الرغم من أن وضع حدود يبدو شيء يتصف بالأنانية إلا أنه سبيل مهم لاحترام احتياجات الآخرين أيضاً، فعندما تحترم ذاتك فأنك سوف تحترم الآخرين. يعد وضع حدود من أجل الدفاع عن الذات أحد السبل القوية لبناء احترامك لذاتك. فإما أن ترفعك تصرفاتك لأعلى أو تهبط بك إلى الأسفل، في حين إن ارتكاب الأخطاء أمر حتمي، فكلما دافعت عن ذاتك عرفت تماماً من تكون، وكلما زادت ثقتك بنفسك وأحترامك لذاتك أصبحت تقوم بفعل أشياء تزيد تقديرك لشخصك. ففي أي وقت تدافع عن ذاتك فإنما تخبرها هي والعالم من حولك في الواقع بأنك لن تتخلى عن قوتك. وهناك سبب آخر يوضح أهمية الدفاع عن الذات. فإذا لم تدافع عن نفسك فسوف تحد من الفرص التي تلوح لك في الحياة، لأنك لا تثق بنفسك بما يكفي للتعامل معها. إذا لم تستطيع وضع الحدود الصارمة والاحتفاظ بها فسينتابك الخوف دائماً من تراكم المسؤولية التي تقع عليك مع تحقيق كل نجاح.
اتخذ إجراء! استعد لوضع حدود
هناك خمس إرشادات يجب اتباعها عند مواجهة محادثة تصعب عليك
١. تحديد النية. ٢. الحصول على الدعم. ٣. التنفيس عن الانفعالات. ٤.التصريح بالحقيقة بإسلوب واضح ومهذب. ٥. الاستجواب.
عندما تختار الشخص الذي تحتاج أن تعبر عن رأيك له بصراحة وترفض الاتفاق معه أو فعل ما يرغب فيه. فعليك إدراك إنه كلما كان هذا الشخص مقرباً إليك. كانت المحادثة أكثر تجاوباً وخاصة عندما تعتاد على ترك الأمور تمر بدلاً من التعامل معها مباشرة.
١. تحديد النية: من الضروري أن توضح هدفك قبل وضع حد مع شخص ما. إن الهدف الأسمى عندما تواجه محادثة مع شخص ما يساء فيه إليك هو أن تصل أعلى مستوى من الألفة والمودة. إن الوصول إلى علاقة أكثر وداً وعمقاً مع الآخرين هو أن تتعلم التوافق والتفاهم والإصلاح وهذا ليس بالأمر الهين. عندما تكون نيتك تحسين العلاقة فمن فضلك تذكر إنه لا يحق لأي شخص مهما كانت درجة قرابته لك إن يسلبك قوتك.
تبين حقيقة نيتك هل تواجه هذا الشخص لرغبتك في التنفيس عن غضبك - أو الانتقام منه أو الرد عليه بتوجيه انتقادات؟ أو لإبلاغة عن الإيذاء الذي يسببه لك ومن ثم ترغب في تغير هذا الأسلوب؟ يعتبر تحديد النية خطوة أولى فعالة.
٢. الحصول على الدعم:عندما تصبح مستعد للتعبير عن رأيك بصراحة. فأنت تحتاج إلى دعم قوي من شريك لمساعدتك. وغالباً ما يعني الدعم الفرق بين النجاح والفشل- الحصول على الدعم يعني وجود شخص يساندك أثناء شعورك بالتذبذب. الذي ينتابك عندما تبدء في الدفاع عن ذاتك. ففي البداية سوف ترتكب بعض الأخطاء وتؤذي مشاعر الآخرين وتكون فظاً في أسلوبك عند التحدث إلى شخص ما وهذا أمر طبيعي عند التعلم. ويساعدك على التعامل مع الأخطاء التي ترتكبها وردود الفعل غير المتوقع من الآخرين.
وجود أشخاص ودودين من حولك. تذكر إنك قد تشعر بالضيق عند اتخاذك الخطوة الأولى نحو الدفاع عن ذاتك ولكن وجود الدعم سيمنحك هذه الفرصة لتقوية قدرتك على الاعتماد على ذلك.
٣. نفس عن انفعالاتك: هذه خطوة حاسمة تحتاج إليها لأعداد نفسك لمواجهة الآخرين في تنفيس ما ينتابك مع شخص تشعر معه بالطمأنينة، وقبل إتخاذ موقف الدفاع عن نفسك تحتاج إلى التنفيس عن أية انفعالاتك محتدمة قد تمنعك من التحدث بلهجة حيادية تتسم بالتلقائية والاحترام، ولكي يحدث ذلك فإنك تحتاج إلى التنفيس عن هذه الانفعالات مسبقاً مع نفسك أو مع زميل. وما لم تتمكن من ذلك فإنك تجازف بشدة بإفساد هذه العلاقة. فإذا كانت نيتك هي إصلاح علاقة فمن الضروري أن تتذكر التنفيس عن انفعالاتك مسبقاً. فيمكنك ذلك من المضي قدماً نحو إصلاح العلاقة من وسائل التنفيس " الكتابة-أو الصياح بصوت عال. أمام المرآة، أو ممارسة بعض التمارين القبلية للتخلص من الانفعال.
٤. التصريح بالحقيقة تلقائياً: وهي إيجاد وممارسة اللغة التي تستخدمها للتصريح بالحقيقة، بوضع الحدود، ويتم ذلك بتدوين ما ترغب في قوله مسبقاً. وقراءته حتى تشعر بالطمأنينة والراحة. بذلك تتمكن من التعبير عن شعورك بمنتهى الوقار والتقدير لنفسك وللشخص الآخر. وذلك يتطلب ثلاث خطوات:
١. الاعتراف بأهمية العلاقة ( عندما تكون ملائمة)
٢. تحديد وجهة نظرك والبدء بكلمة " أنا........"
٣. المطالبة بتلبية احتياجاتك.
ولكي تبدأ في تنفيذ هذا الإجراء من الضروري أن تحدد وتوضح الحقيقة. وكي تتمكن من ذلك حاول الإجابة على السؤال التالي " إذا تمكنت من قول أي شيء دون أية عواقب أو نتائج سلبية فما الذي ستقوله لهذا الشخص؟" وعند الإجابة لا تحاول أن تكون مهذباً فقط ادلي بالحقيقة مباشرة دون تزين أو تفضيل. وبإدراكك الحقيقة، تصبح قادراً على صياغة اللغة التي تكتب بها نصاً يتسم بالاحترام والذوق.
وضع الحدود. سيكون وضع الحدود أمر مقلق في البداية، ولكنه مثل أي مهارة جديدة تكتبها ستسهل عليك بمرور الوقت. وتذكر عند وضع الحدود أنك لا تستطيع التحكم في رد فعل الآخر وسلوكه، ولكنك تقوم بتوصيل رسالة تلقائية. وبالتزام الصدق مع نفسك، وبمضي الوقت ستوفق إلى بلوغ ما تريده. أيضاً تذكر أنك لست مضطر إلى تقديم شرح تفصيلي أو الدفاع عن موقفك أو مناقشته فقط التزم بتنفيذ احتياجاتك.
أبدأ بوضع حدود سهلة وعندما تقوى شخصيتك ضع حدود أكثر تحديداً ودعمها دائماً من خلال تنفيذك لها. أما في إذا تراخيت أو فرضت فيها بالاستلام فإنك تسمح للآخرين بتجاهل احتياجاتك.
٥. الاستجواب. عندما تقرر وضع حد صارم يشعرك بالتذبذب فمن الضروري أن توفر الدعم قبل المحادثة وبعدها للوقوف على أرضية صلبة.
اتخذ إجراء! وضع حدك الباطن
يعد الحد الباطني درعاً نفسياً واقياً يحميك من أن تصبح استجابت وردود لأفعال الآخرين أمراً ذاتياً تعتاد عليه. سيمكنك حدك الباطني من اتخاذ القرار بشأن ما تقبله وما ترفضه ممن يتجاوزون الحدود فهو بمثابة مرشح ننشئه في أنفسنا لتحديد كيفية تعاملنا مع الأحكام والتعليقات والانتقادات. فنميز أيها صحيحة وأيها غير صحيحة وأيها تحتاج إلى المزيد من الاهتمام. فإذا كان لديك حد داخلي قوي فهذا يعني أنك تقي نفسك من أي تعليقات غير ملائمة تصدر عن الآخرين وفي نفس الوقت لا يعني ذلك عزلها عن مشاعرك، ولكنك فقط تتولى حمايتها ومن الضروري أن تميز بين الحد الباطني وبناء حاجز، فعندما تبني حاجز فإنك تعزل نفسك عن الشخص الذي تتكلم معه وعن موضوع الحديث، ولكن عندما تضع الحد الباطني فإنك تتواصل مع الاخر وتهتم بما يقوله ولكن في نفس الوقت تحمي نفسك من أي شيء غير ملائم يدلي به. ويعني استخدامك لهذا الدرع الواقي إنك لا تهتم بذاتك فقط بل وستحتفظ بقوتك النفسية.
وأخيراً لكي تتوقف عن منح قوتك للآخرين كن حذر من أن تتسبب في إحباط أو أذية أي شخص، فهذه حقيقة من حقائق الحياة.
تعليقات
إرسال تعليق