القائمة الرئيسية

الصفحات

من كتاب خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصية الناجحة -4


 الفصل الرابع: خوارق اللاشعور

لاقت فكرة اللاشعور أو العقل الباطن. رواجاً كبير وأنقسم الناس حولها.

فيصنف المؤمنين بوجود العقل الباطن إلى فريقين هما:

١. اتباع مدرسة التحليل النفسي. ويعتقدون بأن العقل الباطن مكمن الرغبات المكتوبة التي لم يستطع الإنسان إشباعها لسبب معين، فتبقى محبوسة فيه. وهي تحت ضغط شديد ناتج عن رقابة العقل الواعي. وعند غفلة العقل الواعي تجد هذه الرغبات المكبوتة الفرصة الساحة للخروج من حبسها، فتظهر بأساليب متنوعة مثل الأحلام.

٢. والفريق الآخر يعتقد أن العقل الباطن هو مهبط الوحي والكشف والالهام في الإنسان، ومنبع العبقرية والنبوة والاختراع. وقد تطرف بعضهم لدرجة اعتقادهم بإنه الروح. أو هو جزء من الله الذي حل في الإنسان.

فهم يعتبرون خوارق اللاشعور دليل على وجود عالم آخر غير العالم الذي يعيش فيه.

أما العلم الحديث فقد اخضع هذه الأفكار إلى البحث العلمي، وقد اتخذ البحث العلمي في موضوع القوى الخارقة طريقتين:

١. طريقة الباحثون في إنجلترا حيث يتم جمع الوثائق عن كل حادثة يظهر فيها عمل خارق، ودراسة هذه الحالات واخضاعها للمراقبة الدقيقة ثم تقديم تقرير بما شاهدوه. فثبت صحة بعض الظواهر، كما كشفت زيف البعض الآخر. وقد توصلت هذه الجمعيات إلى أن لدى الإنسان ملكات نفسية خارقة أهمها ثلاث هي:

١. تناقل الأفكار.  

٢. رؤية الأشياء من وراء حاجز.

٣. التنبؤ.

فالصدفة ليست عمياء، فهي تجري حسب قوانين ثابتة وهي لا تتعدى نسبة مؤية معينة. ولقد اثبتت التجارب انه عندما ترى حلم (يحدث فيه أمراً ما لشخص بعيد) فإن نسبة تحقيقه قد تصل إلى (١من٤٧).

فإن هذا نوع من الاتصال. لا يتوفر إلا في القلائل من البشر.

٢. طريقة راين الذي يفحص الفرد العادي ومعدل ما لديه من قدرة خارقة. فإذا تجاوز الحدس نسبة الصدفة بنسبة صغيرة أو كبيرة فإن هذا دليل على وجود قدرة خارقة لديه من خلال التجريب والإحصاء.

ولقد اثبتت الطريقتان أن للإنسان قدرة على الإحساس الخارق لكن راين امتنع عن التعليل لهذه الظاهرة لأنهم في مرحلة اكتشاف جمع الوثائق والحقائق. إلا إن تاريخ العلم يدل على أن وضع الفرضيات وجمع الحقائق كلاهما مهم في البحث فهما يسيران جنباً إلى جنب في كل تقدم علمي. لذا كثرت الفرضيات والنظريات التي تعلل هذه الظاهرة الخارقة ومنها:

١. فرضية تشنر : يعتقد بأن ما ندعوه بالعقل الباطن له قدرة على تخطي المسافات الإمكانية، وذلك لانه شيء غير مكاني. ويقول " إن الناحية الشعرية من اذهاننا تمتاز بفرديتها، فلكل فرد عالمه الذهني الشعور به وهذا العالم المغلق عليه لا يستطيع أي فرد آخر أن يطلع عليه إلا إذا سمح صاحبه بذلك عن طريق اللغة أو سواها من الوسائل الإجتماعية. أما ما تحت الشعور فيمتاز بأنه غير فردي بل هو الذهن الذي يشارك فيه العالم بأسره، أي أنه ذهن فوق الفردي وبذلك تكون لديه معرفة بأشياء لا يمكن للعقل الفردي تحصيلها. إلا أن العقل الفردي "الواعي" يمنع العقل الباطن من القيام بعمله. لكن في حين غفلة العقل الواعي يقوم العقل الباطن بقراءة أفكارك الغير ويستشف الأشياء الغيبة.

٢. فرضية سينل:يعتقد سينل بوجود حاسة سادسة (النتوء الصنوبر الموجود أسفل المخ) يستطيع أن يدرك الذبذبات ويتأثر بها. لكنه عند الإنسان يقوم بذلك بخفوت لا يلقى لها باله أو يشعر بحاجته إليها.

وقد توصل الفيزيائيين إلى أن الكون كله مؤلف من أمواج كهربائية وأن المادة نفسها ما هي إلا موجات معلبة. وأن هذه الموجات تنطلق بلا إنقطاع من كل مادة في الوجود فتصطدم بما حولها من مواد وتأثر فيها.

 ولقد اكتشفت الأبحاث الحديثة أنواعاً معينة من الأمواج الكهربائية تنطلق من دماغ كل إنسان وهي تختلف في النوم عنها في اليقظة، وفي التفكير عنها في الذهول. وأن لكل إنسان أمواجاً دماغية خاصة به دون غيره أي إنها كبصمة الأصابع. وهي تنتقل في الفضاء المحيط بنا فتؤثر فينا تأثيرات مختلفة من حيث لا نعلم.

إلا أن هذه الفرضيات لقيت اعتراضات عديدة منها:

١. أكتشف الباحثون إن الاحساس الخارق لا يتأثر بالمسافة وقد أظهرت تجارب راين أن الإنسان قد يستشف الأشياء الغيبة من بعيد أوضح مما يستشفها عن قرب وهذه الحقيقة تنافي فرضية الأمواج تضعف كلما طالت المسافة (قوة الموجة تتناسب عكسياً مع مربع المسافة).

٢. أظهرت الأبحاث أيضاً إن الإحساس الخارق قادر على التنبؤ بحوادث المستقبل وهذا يتنافى أيضاً مع فرضية الأمواج حيث لا يستطيع إنسان أن يتصور أمواج صادرة عن حدث لم يحدث بعد.

فهذان اعتراضان قويان حقاً، ولكنها لا يخلوان من ضعف يمكن من ردهما. فقد دلت ابحاث إينشتاين أن الأمواج تسير في فضاء هذا الفضاء الذي يتصوره ذو أربعة أبعاد هي الطول والعرض والارتفاع والزمن. فمعنى هذا إن التنبؤ عن حوادث المستقبل لايختلف في جوهره عن الاحساس بأشياء موجودة في الوقت الحاضر. لان للزمان امتداد في الفضاء كالطول..... والمسافة بين الماضي والمستقبل لا يختلف في صميم طبيعتها عن أي مسافة معينة على سطح الأرض.

ويقول ( جينز) قد يكون الزمان من أوله إلى آخره ممتد أمامنا في الصورة ولكننا لا نتصل إلا باللحظة.

فالأمواج الكهربائية تتحرك في فضاء ذي أربعة أبعاد حيث تشمل حركتها أبعاد المكان والزمان. وبرغم ضعف هذه الفرضية إلا أن هناك قرائن تؤيدها منها:

١. إن شعاع الضوء يظهر على شكل موجات تارة، وعلى شكل دفقات متتالية تارة أخرى.

٢. إن الإلكتروني يقفز داخل الذرة من مدار إلى آخر ولا يلتزم مدار ثابتاً، دون أن يمر في المسافة التي تفصل بين الدارين.

٣. وان الإلكترون يسلك في تموجه داخل الذرة سلوك غريب ليس له سبب ولا يضبطه قانون.

فيفسر عدد من العلماء هذه الحركة العشوائية في سير الإلكترون بأنها ناتجة عن قصورنا عن مراقبة حركته مراقبة صحيحة. وذلك لأننا نراقب ظل الإلكترون فقط ولا نستطيع أن راقبه نفسه،لانه هو يتحرك في أربعة أبعاد اما نحن فلا نرى حركته إلا من خلال أبعادنا الثلاث.

وبناء على هذا فان التنبؤ بالمستقبل ليس أمراً مستحيلاً، وإن الأمواج الخفية التي تساعدنا على الإحساس الخارق لا يصعب عليها أن تتصل بالمستقبل وتكتشف ما يحدث فيه. فهي تتحرك في كون ليس فيه مستقبل ولا ماضي. وكل ما حدث أو سيحدث هو موجود في ناحية من نواحي هذا الكون العجيب.

وبهذا يعتبر العقل الباطن حيز ذهني يجتمع فيه نوعان من الحوافز هما العقد النفسية "الرغبات المكبوتة" و الإحساس الخارق. وهو بهذا مصدر للشر والخير معاً. لذ يجب أن نكون شديدي الحذر عند اصغائنا لحوافز اللاشعور فينا في معالجة أمورنا، وأن نتبع الجانب الخارق من العقل الباطن لا وساوس الجانب المكبوت الذي يقود إلى الفشل. 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات